صانع النجوم الفنان العراقي الموهوب خزعل مهــدي

صانع النجوم الفنان العراقي الموهوب خزعل مهــدي

مكتشف المواهب وصانع النجوم . راهب الاغنية البغدادية وقديس الاذاعة والتلفزيون .

بقلم : رياض محسن المحمداوي

فنان موهوب بالفطرة. كرس حياته للابداع فاصبح عجلة أبداع تسير في في كل الاتجاهات وبخطوات واثقة .كان ممثلآ ومخرجآ ومطربآ وملحنآ وموسيقي بارع. اكتشف مواهب الكثيرين فاخذ على عاتقه تشجيعهم وتعليمهم فاصبحوا نجومآ في عالم الفن . لحن العديد من الاغاني التي لاتنسى فكان من اوائل مدرسة التجديد في الاغنية العراقية. اصبح مخرجآ كبيرآ وادخل اسلوب التجديد في اخراج البرامج التلفزيونية والاذاعية فاخرج اجملها والتي لاتزال في الذاكرة. انه شيخ الابداع الفنان الشامل الكبير الاستاذ خــــزعل مهـــدي ...

ان سيرة حياة الفنان الكبير الشامل خزعل مهدي حياة مليئة بالمفاجئات والابداع ومواهبه الفطرية التي صقلها بنفسه مستعينا بعبقريته الذاتية وخبرات سبقته وهذا ماساعده على أن يتخطى الاخطاء والاستفادة منها لتنمية وصقل مواهبه .

ورغم ان مهدي حُرم من دراسة الفن وهو الركن الاكبر في حياته وذلك بسبب موقف عائلته الغاضب .فقد اصر على ان يتعلم الموسيقى فاصبح من امهرالعازفين لآلة التشلو التي لم يعرفها العراقيين من قبل إلا من قبله والفنان الكبير حسين قدوري .

دخل مهدي الإذاعة عام 1948.بالصدفة ابان حرب فلسطين فكانت الحاجة كبيرة إلى برنامج إذاعية موجه إلى القوات المسلحة العراقية المشاركة في تلك الحرب. فكان أن وقع الاختيار على مهدي وكان جنديا مكلفا ليكون ضمن المجموعة التي تعد وتقدم ذلك البرنامج التعبوي.يومها دخل الشاب خزعل اليافع عالم الاذاعة والفن وحقق حلمه في أن يكون ممثلا، حيث تم اختياره في تمثيل أدوار ثانوية في أفلام الخمسينات والستينات (فتنة وحسن. وعروس الفرات. وتسواهن. ونعيمة. وعفرة وبدر. والبصرة ساعة 11. والجابي ..

ورغم انه غنى ومثّل غير أنه لم يقف عند هذا المستوى فكان حلم مهدي اكبر فكان يطمح ان يكون له شان كبير لمايحمله من مواهب وابداع متفجر. فكتب ولحن لاغلب مطربي ومطربات العراق وقد اصبحت هذه الالحان شاهدا على ابداعه المتميز والمتقن بحرفة وتقنية عالية . فعندما قرر مهدي ان يهجرالغناء ويتحول إلى التلحين فرغم انها كانت خطوة مبكرة الا انها دلت على نضجه الفني والمضي بعبقريته بثقة نحو مرحلة جديدة من مراحل الابداع . فقد نجح في التلحين ومن خلاله اكتشف الكثيرين من النجوم ولم يكتفي بهذا بل قاده ابداعه نحو الاخراج التلفزيوني والسينمائي فاصبح مخرجا عام (1928 ــ 2012) وصانع أفلام تسجيلية. حين اكتشف عددا من المواهب في الغناء والتمثيل فاصبحو فيما بعد لهم شان كبير في الموسيقي والغناء والتمثيل .وأذكرمنهم على سبيل المثال:الاساتذة كوكب حمزة و محسن فرحان و سيتا هاكوبيان وحسين نعمة وحسن الشكرجي وقصي البصري وكاظم فندي والفنانة هناء والقائمة تطول.

كما لحن لعدد كبير من مطربي ومطربات العراق ومنهم الفنانه الكبيرة الراحلة لعفيفة اسكندر وهي سيدة الغناء العراقي في زمانها رائعته (جوز منهم لا تعاتبهم بعد جوز) وهي أغنية من اجمل ماغنت .وكتب ولحن أول أغنية رياضية في العراق عام 1966 العب يا حبيبي اتمرن. والتي أدتها ألفنانة الكبيرة هناء. وهي اخت زوجته الذي اكتشفها والتي عرفت بالمطربة هناء مهدي والذي اقترن اسمها باسمه لكونه اكتشفها وقدمها للساحة الفنية باجمل لحن رياضي غنته مطربة لحد الان .كما اخرجها للتلفزيون .فكان ينظر إلى المشهد أمامه باعتباره ملعبا. تلك الأغنية الجميلة بكلماتها ولحنها الراقي . والتي لم تغادر اسماعنا. فهي رغم كل الاغاني الرياضية التي جائت بعدها فماتزال الاغنية الاولى في سباق الأغاني الرياضية دائمآ مماتحمله من روح عراقية اصيلة وكونها شاهد النصر لجميع منتخبات العراق الكروية.

فمهدي الذي لا يرى في تفوقه إلا نوعا من الإخلاص لذاته والتي فرضت عليه مبدأ العمل الذي عوضه عن خسارة فرصته في دراسة الفن .فاصبح هو الاخر مدرسة فنية مبدعة تعلم منه الكثيرين وتاثر به الاخر. كان مهدي فنان شامل بالفطرة فكان شاعرآ وممثل ومخرج وملحن وموسيقي ومغن وقد اشاد الجميع بقدراته التي لا تكف عن الابداع والتجديد في مختلف الفنون الإبداعية. فكان كل هذا ساعد خزعل مهدي على المضي قدمآ في العطاء ولابداع بعد ارتباطة بزوجته واستقراره العائلي .فكانت تحيط به اجواء فنية كاخت زوجته المطربة هناء والتي تمتلك صوت عذب لن يتكرر في ساحات الغناء العراقي ولاالعربي لحد الان.وعديله زوج اخت زوجته الفنان الكبير المطرب جميل قشطة .

فقد كان صاحب حدس وخيال خصب فريد من نوعه. وهذا قد ساعده على ان يكون من كبار صناع النجوم حيث نقل العديد منهم من الظل إلى عالم الاضواء والشهرة فاصبحوا من نجوم العراق الكبار الذين رفدوا الساحة الفنية بابهى صور العطاء. فقد اكتشف الكثيرين لعالم الفن ولحن للكثيرين من المطربات والمطربين العراقيين منهم يا حلو يا صغير يا مدلل لمائدة نزهت وأغنية حمد يا حمود. واغنية اترك هوى الحلوين لفؤاد سالم واغنية أحبه وأطيعه لداود العاني وعشرات الاغاني التي لم تحظرني . علمآ ان خزعل مهدي كان قد كتب جميع الأغاني التي لحنها وغنت من قبل المطربين. فلم يكن مهدي يستسيغ الاندماج في الأغنية الريفية التي بدأت غزوتها في سبعينات القرن الماضي إلا في حدود ضيقة. فقد كانت الحانه التي أدتها مائدة نزهت نوعا من الترحيب البغدادي الحذر بالريف الذي سعى إلى تقديم نفسه بصيغة مهذبة من خلال ألحان محمد جواد أموري وطالب القره غولي وكوكب حمزة. فقد كانت هجمة ريفية لم يلتحق بها خزعل مهدي .

فان مهدي الذي دخل إلى الفن من خلال باب الاذاعة وهو فنان بالفطره.وقد اصبح أسطورة فنية كبيرة كان مقدرا له أن يصنعها بنفسه وابداعه المنقطع النظير. فرغم انه لم يدرس الموسيقى فقد تعلمها وتعلم النوته الموسيقة واصبح فنان اكاديميآ فتعلم الة الجلو ووقف إلى جانب الفنان الكبير المايستروحسين قدوري ليعزفا معا في ما ينتمي إلى موسيقى الغرفة او موسيقى الصالة. والمذهل في الامر انه قد تعلم أصول العزف ذاتيا فاصبحت له القدرة من خلال تمارينه اليومية على الة الجلو والعود أن يتنقل بين المقامات بحرية ليصوغ أجمل الألحان. كان خزعل مهدي هو البغدادي الأخير في تاريخ الأغنية العراقية.الا ان هذا الفنان حاله حال الكثيرين من المبدعين الاعلام قد عانى الاهمال في شيخوخته من قبل الحكومات والمسؤلين فاصبح في طي النسيان بعد ان لقب هذا الفنان الكبير بقديس الإذاعة والتلفزيون والحارس الامين لكونه لم يكن ميالآ للشهرة والظهورالاعلامي فكانت سعادته ان يتوارى وراء عدسات التصوير في الأستوديو باعتباره مخرجا. يهتم بعمله بكل اخلاص وتفاني اكثر من بحثه عن الشهرة والاضواء.

رحم الله خزعل مهدي الفنان والانسان الذي اعطى الكثير ولم يحصل الاعلى القليل .والذي نذرحياته وشبابه وصحته لخدمة الفن ورفد الساحة الفنية بالمواهب والنجوم وخدم العراق بكل وطنية واخلاص وشرف فكان بحق .. راهب الأغنية البغدادية .

فديو اغاني الفنان واعماله