المطرب العراقي الريفي ناصر حكيم

المطرب العراقي الريفي ناصر حكيم

ناصر حكيم

رياض محس المحمداوي

ناصر حكيم.. صوت سومري شجي ممتلئ بعذوبة الجنوب وجمال الأداء فأغنياته كانت وما زالت تشكل البدايات الأولى للأغنية الريفية في العراق قبل التوثيق والتسجيل الصوتي حتى انتشار جهزة التسجيل الاولى وذلك في بدايات القرن العشرين .ان سيرة وحياة هذا الفنان الرائد لاتختلف عن سيرة اقرانه من مطربين الريف والذين عاشوا في حدود تلك البيئة الريفية الفطرية. بمختلف تفاصيلها واتجاهاتها الاجتماعية والثقافية في ذلك الوقت. ولد الفنان الكبير الراحل ناصر حكيم عام 1910 في ناحية العكيكة التابعة لقضاء سوق الشيوخ مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار ذات الطبيعة الساحرة الخلابة ببساتينها الغنية بأشجار النخيل الممتدة على ضفاف نهرالفرات في قرية تدعى (البندريات) من عائلة فلاحية والده الحاج حسين صاحب بستان صغيريعتاش منه بزراعة بعض المحاصيل والخضروات. فما ان بلغ الصبي ناصرالعاشرة من عمره حتى راح يدندن بصوته الطفولي الجميل بأغنيات كانت ترددها (بنات العيد) وهن مجموعة من النساء كن يحملن الدفوف ويرددن بعض الاغاني التي شاعت انتشارها آنذاك ضمن تلك المناطق في المناسبات والافراح والاعياد، حتى احس المحيطون به بتفرده وموهبته العالية في امتلاك صوت غنائي محبب وجميل فاعجبوا به وشجعوه على استغلال تلك الموهبة في الغناء في اعراسهم ومناسباتهم الكبيرة. وما إن بلغ ناصر الخامسة عشرة من عمره حتى بدأت معالم شهرته تنتشر بشكل اكبر لتتجاوز محيط قريته والمناطق المحيطة بها ليصل صدى تلك الشهرة الى اجواء مدينته الناصرية حيث كان يجتمع فيها العديد من كبارالشعراء والمطربين المعروفين آنذاك أمثال الملا جادر والملا منفي وغيرهم. وفي احد ايام عام 1925 اقيم احتفال كبير في مركز المحافظة شارك فيه اكثر من ثلاثين مطربا كان من بينهم الفنان ناصر حكيم الذي سرعان ما لفت الانظار اليه ولصوته الشجي مما حدا بمندوب شركة بيلفون لتسجيل الاسطوانات للاتفاق معه على تسجيل مجموعة من الاغنيات على الاسطوانات في فرع الشركة في البصرة مقابل مبلغ من المال مقداره (50 ربية) لكل اسطوانة فرفض والده فكرة سفره الى البصرة خوفا عليه لكونه كان صغير السن ولكن تمكن مندوب الشركة وبعض معارفه من اقناع والده واستحصال موافقته على السفر فسجل سبعة اسطوانات بسبعة أطوار ومنها (الشطراوي ـ الحياوي ـ الجادري ـ والمجراوي والصبي) وغيرها، ومن الاغنيات الأولى التي سجلها آنذاك أغنية (هلبت منيرة ـ يمهيرة البدوان ـ بالشطرة شبت نار ـ رد يبوزويني ـ بوية سوادي) وغيرها من الاغنيات. فذاع صيته ووصلت شهرته لكل مدن العراق والدول المجاورة . وفي مطلع عام 1926 قررت شركات الاسطوانات ومنها بيلفون وبيضافون وغيرها من الشركات الاخرى الاتفاق مع المطرب ناصر حكيم بتسجيل عدد من الاسطوانات نظير (مائة ربية) للاسطوانة الواحدة إي ضعف ما كان يتقاضاه سابقا لاستحسانهم لصوته فاصطحب معه رفيق عمره المطرب الراحل حضيري ابو عزيز وخضير حسن وشجعهما على تسجيل اغنياتهم على الاسطوانات فقرر الاستقرار في بغداد بعد استئجاره لمقهى في منطقة علاوي الحلة صارت فيما بعد منتدى فني كبير يجتمع فيه الشعراء والمطربون ومتذوقي الغناء الشعبي بألوانه وأطواره المختلفة التي كان من روادها المطرب الراحل عبدالاميرالطويرجاوي وحضيري ابو عزيز وشخير سلطان وداخل حسن ومن الشعراء جبوري النجار وبدر الحلي واخرين .حتى عام 1936 تم افتتاح دارالاذاعة العراقية .وبعد افتتاح دار الاذاعة اللاسلكية العراقية عام 1936 تم استدعاؤه من قبل وزارة المعارف آنذاك والتي كانت تشرف على عمل الاذاعة ليتم تعيينه كمطرب وبراتب (ثمانية دنانير) شهريا وكانت الحفلات الغنائية تبث بشكل مباشر وحي لعدم وجود اجهزة التسجيل مثلما موجود في يومنا هذا. وفي عام 1948 شارك فناننا الراحل مع مجموعة من المطربين الاخرين من بينهم حضيري ابو عزيز وعلي مردان وناظم الغزالي في احياء عدد من الحفلات الغنائية الترفيهية لمقاتلي الجيش العراقي الذي كان يقاتل دفاعا عن الارض العربية في فلسطين وفي الخمسينيات سافر الى عدد من الدول العربية والخليجية لتسجيل عدد من الاغنيات والحفلات الغنائية مع عدد اخر من المطربين. وفي عام 1971 اعتزل الغناء بعد احالته على التقاعد مع المطربين حضيري ابو عزيز وداخل حسن . وفي التاسع من نيسان عام 1991 رحل عن الدنيا هذا الفنان المبدع ومن اكبر رواد الاغنية الريفية العراقية بعد صراع طويل مع المرض تاركا وراءه ارثا فنيا كبيرا اثرى المكتبة الصوتية العراقية ومنارآ تغترف منه الاجيال لمبدع كبيرمن مؤسسي البنة الاولى لمسيرة الغناء الريفي في العراق .

رحم الله ناصر حكيم .